حرب اليورانيوم

الاحتلال الإسرائيلي يقصف قطاع غزة بأسلحة أمريكية مدمرة

الجزء الأول


تحقيق : مها البديني

في صباح السابع من أكتوبرعام 2023 اندلع صراع بين الاحتلال الإسرائيلي وحركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس في قطاع غزة، في عملية تعددت أسماؤها ما بين طوفان الأقصى أو السيوف الحديدية أو مجزرة غزة وحتى موعد نشر هذا التحقيق- لا يزال يسقط الضحايا، والمصابين بالحروق وبتر الأعضاء من المدنيين إثر القصف الإسرائيلي المُستمر، إذ بلغ عددهم حتى الـ19 من الشهر الجاري أكثر من 37370 ضحية، فيما أُصيب ما يزيد على 85450 شخصًا، بحسب الإحصائية الأخيرة التي نشرتها وزارة الصحة في قطاع غزة أدى الصراع والقصف المستمر إلى تدمير البنية التحتية، وشبكات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء والاتصالات، ودمار الأراضي الزراعية، وتلوث الهواء، والمياه الجوفية، بسبب استخدام الأسلحة المُحرمة دوليًا والمتمثلة في الذخائر الفسفورية، والانشطارية، والفراغية، وذخائر اليورانيوم -وصواريخ بينكر باستر في نوع جي بي يو -24، ثبت احتوائها على اليورانيوم المنضب في الفئة جي بي يو 28، التي تم استخدامها في القصف على غزة في عام 2009، إضافة إلى شهادات مواطنين من القطاع حول مشاهداتهم لحالات إصابات ووفاة للضحايا، من خلال استهداف الخلايا الجسدية الداخلية وانفجار الشرايين دون المساس بأجسادهم خارجيًا باستخدام أسلحة وصفت بالجديدة والمُدمرة، إذ تظهر آثار إلقاء تلك الأسلحة على جثث الضحايا والمصابين كما يؤثر ذلك سلبًا على البيئة والمناخ المحيط

يكشف الجزء الأول من سلسلة تحقيقات"حرب اليورانيوم" استخدام الاحتلال الإسرائيلي صواريخ وقنابل مُدمرة موجهة بالأقمار الصناعية والليزر من نوع

BUNKER BUSTER - GBU 24

الصاروخ الجو- أرض من صناعة أمريكية - يعرف باسم مدمر الملاجئ أو خارق التحصينات-، تم الاستعانة بأدوات الذكاء الإصطناعي وطائرات مُسيرة استطلاعية قبل القصف بغرض جمع المعلومات مثل: سكاي لارك، نيتسوس، هيرمس 450، إذ تم تطوير معظم الأدوات عسكريًا وتكنولوجيًا بواسطة شركات إسرائيلية منها شركات إيلبيت، رافائيل، إيروسبيس أندستريزر، استُعمل بها أنظمة النمذجة الإلكترونية المتطورة للتتبع وجمع المعلومات باستخدام أنظمة جوسبل وأنغيل، وفقا للمعلومات المتاحة في المصادر المفتوحة


الغرض الأساسي للقصف هو استهداف أنفاق حماس - كما ادعت تل أبيب- واقعيًا تم استهداف المنازل السكنية للمدنيين والبنية التحتية؛ ما أوقع الضحايا وأثر على بيئة القطاع ولاسيما ما يوضحه ذلك الاستهداف وأبعاده المؤثرة على الأمن القومي والعربي والإقليمي عسكريًا، سياسيًا، ديموغرافيًا و بيئيًا

حذر قادة مصر والأردن وفرنسا من العواقب الخطيرة لأية عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وبتاريخ 2 أبريل الماضي، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن حسين، وأكدا على موقفهما الموحد الرافض لسياسة العقاب الجماعي لسكان غزة، بما في ذلك الحصار والمجاعة والتهجير

ولكن بنيامين نتنياهو -رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي- افصح عن ما تحتاجه حكومته في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى  وخصوصًا فيما يتعلق بتدمير حماس على حد قوله، وذلك عن طريق الإمدادات الثابتة من القنابل والصواريخ الأمريكية، إذ قال لمسؤولين حكوميين محليين، بحسب تسجيل حصلت عليه صحيفة يسرائيل هيوم في شهر ديسمبر عام 2023: نحن نحتاج إلى ثلاثة أشياء من أمريكا وهي الذخائر، الذخائر، الذخائر

وفقًا لتحليلات ومشاهدات خبراء سياسيون وعسكريون، فإن ما حدث هو سياسة عقاب جماعي تبنتها تل أبيب، إذ يُثير الاعتداء مشاكل أخلاقية عميقة، إضافة إلى أنه تم الحُكم عليه بالفشل من الناحية الاستراتيجية البحتة، على الرغم من أن تل أبيب قادرة على تدمير غزة، إلا أنها حتى الآن لم تستطيع تدمير حماس؛ بل أدى ذلك إلى استياء الفلسطينيين مما حدث لهم من مجازر وأدى إلى تعظيم الثقة في حركة حماس، كما أن حماس قادرة على الإندماج في صفوف المدنيين والعيش للقتال مرة أخرى، ولهذا السبب فإن العملية البرية الإسرائيلية واسعة النطاق محكوم عليها بالإخفاق

استمع ، إلى اللواء سمير فرج الخبيرالعسكري ومديرجهاز الشؤون المعنوية الأسبق حول استخدامات إسرائيل للأسلحة واخفاقها في تنفيذ مخططها

التطور في إنتاج الذخائر.. الهدف الأساسي للولايات المتحدة الأمريكية في سباق التسلح العالمي

يعمل ضباط ومهندسون في تخصص الطيران والصواريخ من أصول عرقية متعددة بالجيش الأمريكي على تحديث وتطوير الصواريخ من فئة جي بي يو وجدام، الموجهة بنظام جي بي أس العالمي و بنظام الليزر مع استحداث ودمج الأسلحة لتكون قادرة على العمل بالنظامين كوضع مزدوج، من خلال تطوير أجسامها لتصبح هشة قابلة للإنفجار الشديد وأكثر عرضة للتشظي وتطوير المواد المتفجرة

وفقًا لما جاء بموقع وور زون - المتخصص في التكنولوجيا العسكرية وصناعات الدفاع والرائد في الاستخبارات مفتوحة المصدر-، فإن أمريكا أعلنت رغبتها في شراء قنابل وصواريخ صغيرة لها نفس تأثيرات القنابل الكبيرة دون التعرض لمخاطر الإنزال دون الانفجار في ساحة المعركة، فقد نشرت القوات الجوية الأمريكية اشعارًا بتاريخ 2 فبرايرعام 2018 على موقع المقاولات الرئيسي للحكومة الأمريكية فيد اييز أوبس يطلب معلومات حول قدرة الدول الأخرى في إنتاج القنابل أو الصواريخ الصغيرة الحجم بوزن 500 إلى 1500 رطل من فئة جي بي يو

تحت القصف الصاروخي..كوب نظيف من الشاي يعني الكثير

تسقط الصواريخ الأمريكية المُدمرة -والتي تدخل ضمن قيمة 3,8 مليار دولار مساعدات تسقط الصواريخ الأمريكية المُدمرة - والتي تدخل ضمن قيمة 3.8 مليار دولار مساعدات أمريكية عسكرية لإسرائيل منذ عام 2019 وحتى عام 2023 - تباعًا على القطاع-، وسط الموت والدمار يحلم المواطنين في غزة بقليل من السلام والهدوء بعد أن فقدوا كل شىء، حتى الأحلام تطايرت مع الرياح المعبأة بـ الغبارالملوث نتيجة انفجار الصواريخ

حلمي الآن هو كوب نظيف من الشاي، هكذا قال س، س والذي لايزال في منزله المتضرر بأحدى المدن بغزة - حروف مستعارة تم اخفاء الاسم والمكان حفاظًا على حياته- حيث أصبح البحث والغذاء والماء وأقل الاحتياجات الضرورية والإنسانية من الصعوبات، استمع لحديثه

كيف بدأ استخدام السلاح؟ -Bunker buster

  • نعود للخلف قليلا، للحديث حول الصاروخ مثار الجدل، فهذه ليست المرة الأولى لاستخدام السلاح  الصاروخي في قطاع غزة بفلسطين، فالسلاح له تاريخ استخدام بداية من التجارب في صحراء نيفادا بأمريكا، تم استخدامه فعليًا في أوائل التسعينات بالقصف الصاروخي للعديد من الدول مثل-كوسوفو، فيتنام، أفغانستان، الشيشان، يوغسلافيا، العراق، لبنان، سوريا، وأوكرانيا- كما تشترك العديد من الدول في تطوير استخدامه وتصنيعه وبيعه وشرائه - ووفقًا لخبراء عسكريين- قد يختلف أحيانًا المدى والعمق الإنفجاري وطريقة الإنفجار في كل مرحلة وكل نوع حسب تطويره وحسب دولة التصنيع

    كشف تقرير بحثي صادر من مجلس معلومات الأمن البريطاني عام 2002 عن الصواريخ المدمرة للتحصينات، أن أمريكا تمضي قدمًا لتطوير الأسلحة لمزيد من التعديلات والتطوير، إذ تم نشر الصواريخ - التي وصفت بالأسلحة النووية- في العديد من الدول منها دول أعضاء حلف شمال الأطلسي بلجيكا، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، هولندا، تركيا والأمم المتحدة

    تعتبر أمريكا من ضمن قائمة أوائل المصدرين للأسلحة وتعتبر على قائمة الدول التي تمتلك كميات كبيرة من اليورانيوم المنضب، وهي رابع دولة تمتلك كميات من المخزون الطبيعي لـ مادة الثوريوم، وأسهمت أمريكا بنسبة 69% من واردات كيان الاحتلال الإسرائيلي من الأسلحة خلال الفترة من عامي 2019- 2023، لـ دعم حليفتها بالحفاظ على ما يطلق عليه التفوق العسكري النوعي على الدول المجاورة، كما تعتبر تل أبيب ثاني أكبر الدول إنفاقًا في الجانب العسكري بالشرق الأوسط، إذ بلغ مجمل الإنفاق العسكري المحلي 23.41 مليار دولار خلال عام 2022، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام والصراع والبيانات المفتوحة لمجموعة البنك الدولي

    كلمة السر .. مفاعل ديمونة

    تحت غطاء الأسرار العسكرية في تل أبيب وما يمكن أن تكشفه التكنولوجيا الحديثة لنا عن الربط بين ما يتم من أعمال داخل مفاعل ديمونة بصحراء النقب وصناعة وتحديث الأسلحة وتطوير مكونات منظومة الصواريخ، وهذا ماحدث في شهر فبرايرعام 2021 عندما رصد القمر الصناعي (سوبر فيو) صورًا نشرتها اللجنة الدولية للمواد الإنشطارية - التي تضم خبراء نووين مستقلين من 17 دولة- لعملية تطوير المفاعل، تشير الصور إلى بناء عدة طوابق ومختبرات أسفل الأرض، واستنتج العلماء أن ذلك قد يكون بغرض إعادة معالجة قضبان المفاعل النووي المُستهلكة للحصول على البلوتونيوم المستخدم في الصناعات النووية، ومع وجود تلك المادة يصبح الاحتلال من ضمن الدول المسلحة نوويًا في العالم

    نصل إلى مربط الفرس من مكونات تم استخدامها في صواريخ بينكر باستر –تم قصفها على قطاع غزة في سنوات سابقة- ومن المحتمل استخدام نفس مكوناتها في الصراع الحالي وفق تحليلات الخبراء والمشاهدات والمقارنات العلمية وتحليلات الصور والأقمار الصناعية - بسبب استخدام فئة من السلاح أثناء القصف الحالي بصاروخ جي بي يو 24 بعد تطويره وإدخال تعديلات به-، إذ أثبت العالم النووي البريطاني كريستوفر باسباي من خلال تحليل عينات فلتر سيارات إسعاف في مناطق وقع بها القصف بالصاروخ المدمر للتحصينات وجود اليورانيوم المنضب والثوريوم والبلوتونيوم في مناطق القصف بقطاع غزة عام 2006 وجنوب لبنان عام 2009، ووجود قنابل من فئة جي بي يو 28 لم تنفجر بعد في مناطق تحليلات العينات، وأظهرت النتائج وجود اليورانيوم المنضب بقيمة 235 وبمعدلات مرتفعة عن النسب الطبيعية الموجودة في التربة

    الاسم العلمي للصاروخ المستخدم في القصف الحالي على قطاع غزة

    BLU-109/ GBU-24/BUNKER BUSTER

    مدت واشنطن، تل أبيب، بالصواريخ المدمرة للتحصينات، لاستخدامها في القصف الحالي على قطاع غزة، في الماضي وتحديدًا عام 2005، رفضت أمريكا إمداد إسرائيل بصاروخ جي بي يو 28، حفاظًا على عملية السلام في المنطقة، ولكن تم الإمداد بنفس نوع الصاروخ عام 2008، وذكر الموقع الرسمي لقاعدة إيجلين الجوية الأمريكية وموقع رايثيون - الشركة المُصنعة لـ الصاروخ الموجه بالليزر- أن الصاروخ الواحد يبلغ طوله أربعة أمتار، يتكون من 2000 رطل بما يعادل 900 كيلو جرام من المواد، إذ تم تحسين قدرة الرأس الحربي له بحيث ينفجر بعد الإختراق وليس عند الاصطدام، حيث قام بتطويره دكتور دون جروندال بفرع تكامل الأنظمة والواجهات بمديرية التسليح بالقوات الجوية الأمريكية بغرض تقليل تكلفة التصنيع


    تتبع لبعض الأماكن والعمق الإنفجاري للسلاح مدمر التحصينات

    تعتبر روسيا من ضمن الدول التي تقوم باستخدام السلاح الصاروخي، يوضح الفيديوالتالي القصف الروسي لـ مدينة بيلغورود بتاريخ 21 أبريل عام 2023 - والمرصود بوسائل التواصل الإجتماعي-، مدى تأثير الصاروخ تحت الأرض، إذ يصل المدى الانفجاري إلى تدمير مبنى متعدد الطوابق وفقًا لتحليل الخبراء العسكريين

    تم مطابقة بعض المناطق التي استخدم السلاح بها، من خلال مواقع التتبع والمسح وقياس الأبعاد والاستدلال بشهود العيان وخبراء الطاقة النووية وخبراء عسكريين، حول تشابه كيفية الانفجار والتأثيرات الناتجة في تلك المناطق، كما تمت مقارنة مشاهد لـ صور من فيديو انفجار مدينة بيلغورود المجاورة للحدود مع أوكرانيا بصورلانفجار وقع في مبنى سكني في مخيم النصيرات بجنوب غرب مدينة غزة، وتبين من خلال أدوات التحقق عبر خبراء عسكريين قُرب التشابه في البؤرة والعمق الإنفجاري والتأثيرات البعدية

    يوضح الفيديو التالي والمُصمم بآليات تتبع الصور والأقمار الصناعية وتحليل خبراء عسكريين، طريقة القصف والبعد وتشابه البؤرة الانفجارية في مخيم النصيرات في غزة، والبؤرة الانفجارية في إحدى مناطق التدريب العسكري بأمريكا بصاروخ جي بي يو

    يشير الفيديو التالي المنشور في شهر نوفمبر عام 2023- والمرصود من وزارة الدفاع الإسرائيلي وموقع فينكر530 للتحليلات العسكرية- إلى استخدام إسرائيل للسلاح في منطقة سكنية مجاورة لمجمع الشفاء الطبي الواقع في المنطقة الغربية الوسطى لقطاع غزة، يشير ويل كلمور أحد قدامى المحاربين في مشاة الجيش الأمريكي وشارك في عمليات انتشار في العراق وأفغانستان مع لواء سترايكر عبر تحليله للفيديو، أنه تم رصد لقطات وصفها بـ المذهلة لغارات جوية إسرائيلية، أدعى أنها بغرض استهداف نظام أنفاق تابع لحركة حماس، يقول كلمور أن أعمدة الانفجار تنطلق بشكل مستقيم للأعلى، ما يُظهر الإنفجارات تحت الأرض وأن الطبيعة النارية للانفجارات مثيرة للإهتمام، مشيرًا إلى إمكانية استخدام الإسرائيليين نوعًا ما من قنابل الوقود والهواء، من النوع الفراغي التي تحرق الأكسجين المحلي؛ ما يُسبب الإصابة والموت للذين يعيشون في أجزاء من الأنفاق

    الجدير بالذكر، أن القنابل التي تفرغ طاقتها في الهواء، بغرض التدمير والتفجير تفوق سرعتها سرعة الضوء و تصيب من لم تقتله بالعمى وارتجاج الدماغ وتمزق طبلتيّ الأذن، إضافة إلى انسداد المجاري الهوائية وانهيار الرئتين، وإصابات أخرى خطيرة وفقًا لما أكده متخصصو الطب والهندسة النووية

     توضح الصورة التالية خريطة تم التقاطها من موقع وزراة الدفاع الإسرائيلي عن المخطط الدائر لتنفيذ الهجمات على  المستشفيات في غزة؛ من ضمنها مجمع الشفاء الطبي بدعوى وجود أنفاق لـ حماس

    يوضح الفيديو المنشور في شهر نوفمبرعام 2023 -المرصود بوسائل التواصل الإجتماعي-  قصف أبراج الكرامة بوسط غزة بصواريخ مدمرة للتحصينات

    ينقل الناشط الإعلامي الفلسطيني حمزة المصري، شهادته للحالات أثناء توثيقه للقصف على قطاع غزة، ظهور حالات لضحايا تم استهدافهم بسلاح جديد يتسبب في انفجار الخلايا الداخلية بالجسم؛ ما يتسبب في وفاتهم، استمع لشهادته

    بالصور .. آثار القصف بالصواريخ المدمرة للتحصينات في منطقتي دير البلح والنصيرات بقطاع غزة بين شهري مارس وأبريل عام 2024

    آثار قصف صاروخي مخيم النصيرات في شارع عام، وتضرر وقطع خطوط الماء والاتصالات و الكهرباء

    آثار قصف صاروخي وظهور حفرة عميقة في أرض زراعية جنوب دير البلح على بعد ستة كيلو مترات من مخيم النصيرات

    آثار قصف صاروخي لشارع الرشيد قرب جسر وادي غزة، أدى إلى فصل الجانب الشمالي عن الجانب الجنوبي

    آثار قصف صاروخي في مخيم النصيرات، إذ بلغ تعداده السكاني 54,851 نسمة وفق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الفلسطيني عام 2017


    تقدير الأضرار على الحياة الحضرية والمدنية

    أعلنت تل أبيب أن السبب وراء القصف وشن الهجوم على قطاع غزة، تدميرحركة حماس بعد هجمة السابع من أكتوبر الماضي، ومقتل 1200 ورهن أكثر من 200 شخص إسرائيلي داخل القطاع، والواقع أن هناك فرط في التمادي والعنف وإلحاق الضرر بشكل مباشر على الحياة الإنسانية والحضارية بـ القطاع، لأغراض أخرى بعيدة المدى تتعلق بتفريغ المنطقة لأبعاد سياسية،  وذلك وفقًا لتحليل موقع إير وور، منظمة معنية لمراقبة الأضرار الكارثية على المباني والضحايا الحوادث التي نجمت عن استخدام الأسلحة المتفجرة وتبعاتها على المباني والحالة المدنية ووقوع الضحايا

    وعن تقدير الأضرار الواقعة على البنى التحتية، رصدت الأقمار الصناعية للأمم المتحدة حجم هدم المباني وتضررها بــ 35% من إجمالي المباني منذ بداية القصف حتى شهر أبريل لعام 2024، و يشكل الحطام مخاطر على صحة الإنسان والبيئة، بدءا من الغبار والتلوث بالذخائر غير المنفجرة ووصولا إلى النفايات الصناعية والطبية وغيرها من المواد الخطرة وفقا لتقرير الأمم المتحدة للبيئة والصادر في شهر يونيو الجاري 


     أما عن  موقع مشروع النزاع المسلح،  قدرت تقاريره الصادره تدمير ما يزيد عن 60% من الأراضي الزراعية وشبكات المياه وتضرر المياه الجوفية


    إبادة البيئة وارتفاع التهديدات والمخاطر المناخية

    إن الأحداث المناخية المتطرفة التي وقعت خلال السنوات الخمس الماضية - ساهمت في فتح "الصندوق الأسود" لمساهمات الحروب لما تسببه من أضرار على البيئة وما تخلفه من مواد كيميائية سامة تلوث التربة والمياه لعقود من الزمن؛ ما دفع الدول لعقد اتفاقيات مناخية للحفاظ على البيئة للحد من الاحتباس الحراري والتلوث البيئي

    وعن تأثيرات القصف بالأسلحة على قطاع غزة، كشفت دراسة نشرت بموقع ما قبل طباعة الأبحاث (سوشيال سيانس ريسيرش نيتورك) شارك فيها علماء من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، أن الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة خلال أول 60 يوم من القصف كانت أكبر من البصمة  الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة حول العالم خلال عام واحد، وأن الرد العسكري الإسرائيلي يعادل حرق ما لا يقل عن 150 ألف طن من الفحم، وأن نصف إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كان بسبب طائرات الشحن الأمريكية التي تنقل الإمدادات العسكرية إلى كيان الاحتلال في الفترة مابين شهري أكتوبر وديسمبر

    أشارت الدراسة إلى أن الصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل في نفس الفترة، ولدّت نحو 713 طنًا من ثاني أكسيد الكربون، ويعادل نحو 300 طن من الفحم، ما يُظهر التباين في آلية الحرب والصراع 

    كما أجرت الأمم المتحدة  للبيئة تقييما أولياً شاملًا للآثار البيئية الناجمة عن القصف على قطاع غزة خلال شهر يونيه والتي وصفت بــ"  غير المسبوقة"،  ويتعرض المجتمع للمعاناة من تفاقم مشكلة تلوث التربة والمياه والهواء بصورة سريعة ومخاطر الأضرار التي لحقت بنظمها الإيكولوجية الطبيعية والتي لا يمكن إصلاحها

    ومن ضمن ما لخصه التقرير، أن الذخائر المستخدمة تحتوي على معادن ثقيلة ومواد كيميائية متفجرة في المناطق المكتظة بالسكان في غزة، وأدى ذلك إلى تلويث التربة ومصادر المياه، وتشكيل خطر على صحة الإنسان و سيستمر ذلك لفترات طويلة بعد وقف الأعمال العدائية، وتشكل الذخائر غير المنفجرة مخاطر جسيمة

    تعليقًا على ذلك،  يؤكد السفير مصطفي الشربيني - الخبير الدولى فى الاستدامة وتقييم المخاطر وسفير ميثاق المناخ الأوروبي في مصر-، أن من أغلفة القذائف وشظايا القنابل والصواريخ الإسرائيلية، تتناثر ملايين الأطنان من الحطام في شوارع غزة، وتتخلل في الهواء طبقة من الغبار والرماد السام؛ ما يشكل مخاطر صحية على الأفراد في جميع أنحاء القطاع

    يستدل “الشربيني” بالوقائع الجيولوجية والأبحاث العلمية عن تأثيرات ملوثات ومخلفات الأسلحة على المناخ المحيط ومنها المياه. يقول إن غزة تحصل على ما يقرب من 90 % من مياهها من آبار المياه الجوفية، وتأثرت المياه بسبب تسرب مياه البحر والقصف الصاروخي، وما به من مخلفات وتسرب كيميائي، حيث تأثرت مياه من آبار المياه الجوفية في مخيمات النازحين الواقعة على الحدود المصرية الفلسطينية جنوب قطاع غزة برفح

    شاهد .. حديث د. ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المُعدل بتقنيات الذكاء الإصطناعي

    وعن الآثارالبيئية  للعدوان على قطاع غزة لمصر وللدول المجاورة، ومن خلال حديث على الفيديو كونفرنس في اجتماع لـ صحفيي البيئة في شهر مارس الماضي، ردت وزيرة البيئة، ياسمين فؤاد، على مُعدة التحقيق في تساؤلاتها، إذ قالت إنه من الصعوبة قياس حجم الأضرار البيئية التي لحقت بمصر والدول المجاورة إثر القصف المستمر، ويجري عمل وإعداد لجنة علمية لدراسة مدى التأثيرات وأبعادها

    تشير “فؤاد” إلى التجاهل الدولي لقضايا المناخ النابعة من التلوث الناجم عن الحروب، خاصة لما يحدث في قطاع غزة، وظهر ذلك جليًا في بيان اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة بالعاصمة الكينية ، مشددة أنه لا يمكن الاستمرار في منح رسائل متضاربة وازدواجية في المعايير، داعية إلى إعادة التأكيد على ماتم الاتفاق عليه بشأن الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف  

    في الفيديو التالي لقاء عبر الفيديو كونفرنس “زووم” معدل بتقنيات الذكاء الاصطناعي

    شاهد.. حديث مدير عام حماية البيئة الفلسطينية حول التأثيرات البيئية للقصف على قطاع غزة، والمُعدل بتقنيات الذكاء الإصطناعي

    تقديرات التأثير الإشعاعي لصواريخ التحصينات المدمرة

    قدرت تقارير وزارة الدفاع الإسرائيلية -إنفاق حركة حماس ما بين 30 إلى 90 مليون دولار واستخدام 600 ألف طن من الخرسانة لبناء ثلاثة عشر نفقًا، كما قُدَرت تكلفة بناء بعض الأنفاق بمبلغِ ثلاثة ملايين دولار، ووصل عدد الأنفاق التي تم تدميرها مايزيد على 25%، وذلك باستخدام الصواريخ المدمرة للتحصينات، وفق ما أعلنه جيش الاحتلال الإسرائيلي

    بشأن الصواريخ التي تستخدمها تل أبيب في سعيها لتدمير شبكة الأنفاق رغم تعقدها، أكد الخبير العسكري جمال الرفاعي، أن تدمير شبكة أنفاق حماس قد يتطلب سنوات، وأشار إلى استخدامها قنابل ذكية كانت ترفض واشنطن أن تمدها بها في الماضي، وهي قنابل لها نوعان من الرؤوس، الأول تدميري، والثاني يعمل على تدمير التحصينات والخرسانات

    يقول “الرفاعي” أن هناك تمادي في استخدام الاحتلال للأسلحة والذخائر المحرمة دوليًا وهي أربعة أنواع: الفسفورية، والانشطارية، والفراغية. وكلها تندرج تحت أسلحة الدمار الشامل

    في سياق متصل، يقول الخبير البريطاني العسكري، ديفيد كلارك، إن استخدام قنابل مدمرة للتحصينات يثير عددًا من القضايا، حيث لا توجد قدرة لأي قنبلة مدمرة لدفن نفسها بعمق كافٍ لاحتوائها على انفجار نووي وهذا يعني أن الطائرة ستترك حفرة هائلة وتقذف كمية هائلة من المخلفات الإشعاعية في الهواء والتربة والماء وفي الحياة المناخية، على الصعيد الدبلوماسي يمثل ذلك مشكلة؛ لأنها تنتهك الرغبة الدولية في القضاء على استخدام الأسلحة النووية

    مامعنى وجود يورانيوم منضب وثوريوم وبلوتونيوم؟

    المعهد النرويجي للقنابل الانشطارية الضوئية، أكد من خلال بحث نشر في عام 2002، أن قنابل التحصينات تحتوي على اليورانيوم المنضب وهي أساسية في صناعة مكونات هذا النوع من القنابل، كما كشف بحث نشر في عام 2005 في مكتبة الكونجرس الأمريكي عن الأسلحة المدمرة أن هذا النوع من الصواريخ يندرج ضمن قائمة الأسلحة النووية

     أكد تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة والصادر بتاريخ 1 يوليو عام 2001  أن قذيفـة اليورانيـوم المنضـب - والتي تم تصنيفها كمادة كيميائية سامة وثقيلة- ذات الكثافـة العاليـة مصنوعـة مـن نفايـات نوويـة مشـعة ناتجة عن مخلفات صنع الوقـود النـووي والقنـابل النوويـة، وعنـد ارتطـام هـذه القذيفـة بـالهدف ينطلق غبار كيمياوي وإشعاعي يلوث ليس فقط موقع الهدف بل تأخذه الريـح بعيـدا وينتشـر على مساحات واسعة يلوث الهواء والماء والتربة والنبات والإنسان لأجيال قادمـة

    تم استخدام أسلحة من نفس الفئة جي بي يو - مثار التحقيق- في القصف على غزة في سنوات سابقة ثبت وجود اليورانيوم المنضب والثوريوم والبلوتونيوم ومواد كيميائية سامة أخرى - وهي من نفس الفصيلة جي بي يو 24 التي تم تعديلها ليتم استخدامها في القصف على القطاع في الوقت الحالي-، أثبت ذلك العالم النووي كريستوفر باسباي من خلال تحليل عينات فلتر سيارات إسعاف في مناطق وقع بها القصف بسلاح جي بي يو 28 مدمر التحصينات، في مناطق بقطاع غزة عام 2009، وجنوب لبنان بعد القصف الصاروخي بها عام 2006

    يقول “ باسباي”، إن اليورانيوم المنضب خصائصه حارقة إذا كانت حرارة اليورانيوم في بيئة الأوكسجين (الهواء العادي) ، فإنه يشتعل ويحترق مع لهب مكثف للغاية مرة واحدة داخل الهدف، وحرق اليورانيوم هو جزء آخر من قوة القنبلة المدمرة، هذه الخصائص تجعل اليورانيوم المنضب خيارًا واضحًا عند إنشاء القنابل المتطورة الخارقة للحصون - وفق خبراء عسكريين- من الممكن خلق قنابل ثقيلة للغاية وقوية وصغيرة القطر، لها قوة اختراق كبيرة بخلط مكونات إشعاعية، لضمان القوة الانفجارية، حيث تستخدم الولايات المتحدة أطنانًا من اليورانيوم المنضب والبلوتونيوم والثوريوم في أسلحتها بساحة المعركة، وفي نهاية الصراع يترك ذلك أطنانًا من المواد المشعة

    في نفس السياق، رصد علماء الطب النووي بسويسرا تحت إشراف خوسيه كورشو ألفارادو، من المكتب الاتحادي السويسري لحماية السكان جزيئات البلوتونيوم المُعلقة في الجو وفي الطبقات العليا، إذ أنها أكثر مما كانوا يعتقدون، وهذه الجزيئات لها مخاطر صحية وبيئية؛ منها الإصابة بأمراض السرطانات عند استنشاق المواد أو بلعها حيث تنتشر جزيئاته عبر الرئتين أو العظام أو الأعضاء الأخرى، ومع مرور الوقت يمكن أن يتسبب في الإصابة بالسرطان، كما تؤثر هذه المادة على الجهاز المناعي، و تتسبب في العقم، عند استنشاقها و بلعها بكميات كبيرة تؤدي إلى تسمم إشعاعي حاد ينتهي بالوفاة

    يقول خبراء طاقة نووية محليين وأجانب إنه من غير المستبعد استخدام اليورانيوم المنضب في القصف على قطاع غزة، إذ أن اليورانيوم تم استخدامه في الأسلحة العادية بشكل واسع في صناعة الذخيرة المضادة للدروع المعروفة باسم "الذخيرة المنفذة باليورانيوم المنضب" أو "دبابات الضغط العالي"، يتم استخدام اليورانيوم المنضوي"المنضب" لصهرها معًا لتشكيل الطلقات والصواريخ، التي تكون قادرة على اختراق دروع الدبابات والهياكل المدرعة الأخرى على الرغم من فعالية هذه الذخائر ضد أهدافها

    يؤكد الدكتور مهند أحمد - معيد بكلية الطب قسم الأورام والطب النووي جامعة أسيوط- أن هناك آثار بيئية وصحية خطيرة، بسبب تعرض اليورانيوم النشيط والبلوتونيوم والثوريوم للتلوث الإشعاعي الذي يمكن أن يكون ضارًا للبيئة والبشر، كما ينبغي اتباع المعايير البيئية والصحية للوقاية من المخاطر الناجمة عن تلوث اليورانيوم والإشعاع

    يحذر خبراء الطاقة النووية من أن استخدام اليورانيوم في الأسلحة العادية، يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات خطيرة على البيئة والإنسان، وذلك لعدة أسباب، منها

    التلوث الإشعاعي: عند انفجار الذخيرة المنضوية-المنضب- باليورانيوم، يحدث حرق اليورانيوم وتشكيل ذرات صغيرة تحتوي على مواد إشعاعية يمكن أن ينتج عن ذلك تلوث إشعاعي في البيئة يؤدي إلى تأثيرات سلبية على النباتات، الحيوانات والبشر

    التلوث الكيميائي: اليورانيوم قد يتسرب إلى التربة والمياه الجوفية، بسبب تفكك الذخائر المضادة للدروع، مما يؤدي إلى تلوث بيئي كيميائي يمكن أن يؤثر على النظم البيئية

    التأثيرات الصحية: يتسبب اليورانيوم في تأثيرات صحية خطيرة لدى البشر، مثل التسرطن والتشوهات الولادية ومشاكل في الجهاز التنفسي، نتيجة للتعرض للإشعاع أو التلوث الكيميائي

    تسريبات ويكيليكس عن مدمر المخابىء

    من خلال البحث في المصادر المغلقة والمفتوحة توصلت المحققة إلى وثيقة من تسريبات ويكيليكس، تقول الوثيقة الصادرة رقم 2643 من سفارة بيروت بلبنان، أنه تم قصف جنوب لبنان عام 2006 لاستهداف وإغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، وذلك باستخدام أسلحة مدمرة للتحصينات تحتوي على اليورانيوم المنضب، حيث يتم استخدام الصاروخ وفئات أخرى له في عمليات تدمير الأنفاق واستهداف الشخصيات في عمليات الإغتيال

    في الجزء الثاني من التحقيق نكشف لكم أسرارا أخرى حول ما يحدث خلف ظل حرب اليورانيوم

    هذا التحقيق مشروع تخرج نتاج تدريب عن تغطية الحروب والنزاعات بدعم من مؤسسة هيكل للصحافة العربية ونقابة الصحفيين